غيبوبة سمية رشيدي.. مأساة إنسانية تكشف قسوة السجون الإيرانية
غيبوبة سمية رشيدي.. مأساة إنسانية تكشف قسوة السجون الإيرانية
لم تكن سمية رشيدي، الناشطة المدنية المقيمة في طهران، تدرك أن كتابة شعارات على جدران المدينة في مايو الماضي ستقودها إلى طريق مليء بالقسوة والإهمال، ينتهي اليوم وهي تصارع الموت في غيبوبة داخل أحد مشافي ورامين.
قصة سمية ليست مجرد ملف قضائي، بل مأساة إنسانية تختصر معاناة آلاف السجناء داخل السجون الإيرانية، حيث يُعامل المرض كـ"خدعة"، والإنسان كـ"عبء زائد"، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم الأحد.
بدأت فصول معاناة رشيدي بعد نقلها من سجن إيفين إلى سجن قرتشك، السجن سيئ السمعة الذي تحول إلى رمز للإهمال الطبي والتعذيب النفسي والجسدي.
وخلال الأشهر الماضية، كانت الناشطة تعاني من نوبات تشنج متكررة، لكن كل مرة كانت تستغيث، كان الرد بطيئًا أو مصحوبًا بالاستخفاف، إلى أن تدهورت حالتها لدرجة الغيبوبة.
الأطباء في مشفى "مفتح" حيث ترقد اليوم أكدوا أن مستوى وعيها منخفض للغاية، وأن فرص نجاتها محدودة.
إهمال مقصود أم سياسة ممنهجة؟
اتهمت منظمة "بیدارزني" الحقوقية مديرة سجن قرتشك، صغرى خدادادي، بالمسؤولية المباشرة عن الكارثة، ووصفت ما حدث بأنه "سياسة ممنهجة لتعذيب السجناء حتى الموت".
هذه الاتهامات لا تأتي من فراغ، إذ تكشف تقارير أمنية أن إدارة السجن كانت تعتبر نداءات رشيدي طلبًا للشفقة وتظاهراً بالمرض، مكتفية بوصف أدوية مهدئة بدل العلاج، الأمر الذي سرّع انهيار حالتها الصحية.
تفاقمت الفاجعة أكثر مع وفاة السجينة جميلة عزيزي، قبل يوم واحد فقط من دخول رشيدي في غيبوبة.
عزيزي، التي كانت سجينة مالية، توفيت نتيجة حرمانها من العلاج الطبي رغم أن كفالتها كانت متوفرة منذ أكثر من أسبوع، بقيت حبيسة الزنزانة، إلى أن فقدت حياتها أمام أعين إدارة السجن.
سؤال للضمير العالمي
تكشف هذه القصص المأساوية أن الإهمال الصحي في السجون الإيرانية ليس حوادث فردية، بل جزء من منظومة قائمة على القسوة والتجاهل.
خلف الجدران الباردة، تتحول السجون إلى أماكن تُصادر فيها أبسط حقوق الإنسان: الحق في العلاج، والحق في البقاء على قيد الحياة.
اليوم، يرقد جسد سمية رشيدي على سرير المستشفى، فيما روحها معلقة بين الحياة والموت.
قصتها تدق جرس إنذار للمجتمع الدولي، وتطرح سؤالًا مؤلمًا.. كم من الأرواح يجب أن تُزهق حتى يتحرك الضمير العالمي لإنقاذ ما تبقى من إنسانية في السجون الإيرانية؟